رسائل مصابة بالحياة
جمال نجيب
وَاأَسَفَاهُ عَلَى رَسائِلِي، ضَاعَتْ كُلَّهَا
مَنْ وَجَدَهَا فَلْيَقْرَأْهَا وَلَا يُذِيعَنَّ أَخْبَارَهَا،
وَاقِفٌ فِي مُقَدِّمَاتِهَا شَاهِراً ضَادِي ٠٠ وَمَا يَنْبَثِقُ مِنْ قُرْمُزِهَا
أُنْثَى
وَمِنْ صَلْصَالِهَا الْأَبَدِيِّ
شَاعِرٌ مُسْتَسْلِمٌ لِلتَّدَاعِي وَلِسُقُوطِ الْأَسْنَانِ
مِنْ جَرَّاءِ التَّقادُمِ وَرُطُوبَةِ النِّسْيَانِ
لَا تَتَغَيَّرْ يَا قَدَحِي
بِاحْتِمَالَاتٍ تَضْحَكُ لِلْغَرَائِزِ الْفَاضِحَة
أَيُّ قَتيلٍ فِيهَا سَوْفَ يَرَى مَيْتَتَهُ فِي يَوْمٍ مِنَ الْأَيَّامِ
وَيَشْتَهي قِنْدِيلاً
يَشِعُّ بِذِكْرَياتٍ تَظُنُّ أَبْطَالَهَا بُرَآءَ
مِنَ الْغُمُوضِ الْعَمِيقِ
إِذَا أَنَا قَلَّدُتْ غِيَابِي
فَلَا تَدُلِّي عَلَيَّ
لِئَلَّا يَرَى الْحَنِينُ الشّاكِرُ نَفْسَهُ مَفَاتِنَهُ
وَيَتَبَنَّى تَحْتَ الْإِزَارِ لَيالٍ أُخْرَى وَاضِحَة
تَشُدُّ الرَّسَائِلُ حُلُماً
مَكْتُوباً بِالنَّارِ
وَبِأَنَامِلِ قَهْوَةٍ مُتَرَمِّدَة
يَدْخُلُ الْهَوَاءُ إِلَى رِئَتَيَّ
يَتَسَلَّقُ عُمْرِي الْقَصِيرُ السَّرْمَدِيَّةَ الْعَالِيَّةَ
تُلْقِي الرَّسَائِلُ الْمُرَتَّبَةُ كَأَوْتَارٍ حَمِيمَةٍ فِي كَمَنْجَةٍ عَرَبِيَّة
نَظْرَةً
عَلَى لُصُوصِ الْبَحْرِ
وَهُمْ يَعْثُرُونَ عَلَى هَيَاكِل عَظْمِيَّة
شُكْراً لَهَا
تَرْسُمُ يَوْماً تِلْوَ شَهْرٍ تِلْوَ سَنَة
شَكْلاً
مُوَزَّعاً بِالتَّسَاوِي بَيْنَ الْمُرْسِلِ وَالْمُرْسَلِ إِلَيْهِ
لَا شُكْراً لِلتِّكْنُولُوجْيَا الْمُخْتَصِرَةِ الْحَيَاةَ مُجَرَّدَ شَيْءٍ إِلِكْترُونِيٍّ
لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ
أُحِسُّهَا تَفِيقُ لَيْلاً
تَفْتَحُ النَّافِذَةَ
تُحَلِّقُ فِي الْفَضَاءِ
تُسْنِدُ رَأْسَهَا عَلَى أَوَّلِ نَجْمَةٍ تُصَادِفُهَا
وَقُبَيْلَ الصُّبْحِ بِأَمْتَارٍ قَلِيلَةٍ
تَؤُوبُ غَرْثَى لِمَكَانِهَا فِي نَفْسِ الْجَارُورِ
تَسْتَجْوِبُ رَسَائِل حَبِيبَتِي وَتَسْتَجِيبُ
تُجَاسِدُ
تَقُصُّ عَلَيَّ فِي عِزِّ الْاِنْشِغَالِ
مَا بَدَأَتْهُ شَرْنَقَةٌ
وَخَتَمَتْهُ فَرَاشَةٌ
كُلُّ سُعَاةِ الْبَرِيدِ خَانُوا
إِلاَّ الْأَثِير
لَمْ يَخُنِّي ٠
جمال نجيب شاعر مغربي صدر له ثلاثة دواوين تفاحة المغفرة، ويوتوبيا ممكنة وسدرة العصافير. فاز باثنين منهما بجائزتين وطنيتين عامي ٢٠١٢و٢٠٢٢. لمتابعة حسابه على فيسبوك: jamal.poet