الشاعر
مرتضى محمد الشهاب
يكادُ يمحو حدوداً لا تحاصرُهُ
يطيعهُ الوحيُ والفصحى تكابرُهُ
ملقىً على الريحِ لا أوطانَ في دمهِ
لم يبرحِ الوعيَ والدنيا تسافرُهُ
يكثِّفُ الزمنَ الممتدَّ، يعصرُهُ
ليشربَ النخبَ في وقتٍ يعاصرُهُ
مرَّتْ قوافلُ أسلافٍ على يدهِ
منها عشائرُهُ منها ضمائرُهُ
ليقرأَ النورَ من أسنى صحائفهِ
فمرَّ دهرٌ وما كلَّتْ نواظرُهُ
الشمسُ جمرتهُ الصغرى، سينفضها
مع البدورِ إذا جفَّتْ سجائرُهُ
رمزٌ بلعبة ألغازٍ يمارسها
يخفى على الناسِ ما فيهِ يجاهرُهُ
يخفى على الناسِ والأبوابُ مشرعةٌ
ومن نوافذهِ شفَّتْ ستائرُهُ
يطفِّفُ الحزنَ في مكيالِ ريشتهِ
كي يوفيَ الكيلَ من سَعدٍ يشاطرُهُ
في غابةِ الوقتِ أفكارٌ سيرصدها
وجؤذرُ الشعرِ لم يبرحْ يماكرُهُ
ما أوترَ الحرفَ إلا كي يصيبَ بهِ
عينَ الخلودِ فلا يُبلي تواترُهُ
لا تأسَ يا عنترُ الأشعارُ مشرعةٌ
نحو الشعورِ وما انسدَّتْ معابرُهُ
عنقاءُ ما إن مضى للغربِ مبتعداً
بدا من المشرقِ الخلَّاقُ آخرُهُ
ويا امرأَ القيسِ فالعبراتُ مهرقةٌ
هي القصيدةُ لا ريمٌ تسامرُهُ
قد يَكتبُ النثرَ من دمعاتِ محبرةٍ
لكنما الشعرُ تبكيهِ محاجرُهُ
سربُ الحمامِ إذا ما ناحَ منكسراً
على الربيعِ فهذا النوحُ كاسرُهُ
وقد وفى للبعيدين الذين غدوا
في عالمِ الحبِّ خلَّاناً تجاورُهُ
في معملِ الحسِّ أشواقٌ سيشعلها
ليستعيدَ لهيبَ العشقِ فاترُهُ
من للأنوثةِ إن خانتهُ جرأتهُ
من للجمالِ إذا ما كفَّ سابرُهُ
تبقى النساءُ على أعتابِ صفحتهِ
بالحسنِ والدَّلِّ في غُنجٍ تحاورُهُ
تُسقى من الغزلِ العذريِّ شربتها
كيما تذوبُ على ثغرٍ سكاكرُهُ
ما للمقاعدِ حدٌّ في مسارحهِ
تفنى النساءُ وما تفنى تذاكرُهُ
تصوَّفَ الجسمُ في أبعادِ صورتهِ
فكلُّ خصرٍ غداةَ الذِّكرِ زائرُهُ
حُمَّى المريدِ إذا ما اشتدَّ لاعجهُ
مُزَلزلُ الصدرِ هاوي الرأسِ حاسرُهُ
يمضي إلى السدرةِ العليا برقصتهِ
وكلُّ نهدٍ براقٌ جلَّ حافرُهُ
فللمزاجِ كميتُ في قصائدهِ
وللسموِّ كميتُ الشَّعرِ ثائرُهُ
من للترابِ إذا دِيست كرامتهُ
إلا التفاعيلُ في شعرٍ تناصرُهُ
مضى إلى الحربِ والجيشانِ داخلهُ
دروعهُ الحبُّ والذكرى بواترُهُ
من قبلِ أن يتهاوى عرشُ فكرتهِ
يقيمُ طفاً ولا تظمى دفاترُهُ
ظعائنُ المعجمِ المحدودِ تثقلهُ
فما يزالُ بعيداً عنهُ عاشرُهُ
يهشِّمُ الصدرَ من لطمِ الشعورِ بهِ
وطبرةُ الرأسِ بالمعنى شعائرُهُ
لتُغفر الزلةُ الصغرى على صحفٍ
بشرعةِ الفنِّ ولتحيَ كبائرُهُ
مرتضى الشهاب هو شاعر سعودي، صدر له ديوان على شط فكرة، وحاز على عدد من الجوائز في الشعر، كما قدم أمسيات شعرية عديدة، وهو عضو في جمعية الأدب