top of page


زُهد العابر
«هاجس الغياب»

أحمد سالم


١

لا أنتظرُ ما أنا موعودٌ بهِ
لا أحتفلُ بحياتي
إذ تُخطئني المصائبُ
ولا أمتنُّ لهذه الحكايا البيضاء
التي تقودني إلى نعيمٍ
أو سرابٍ خادع
ولا أنتمي حتّى إلى المكانِ
الذي بكلّ جوانبِهِ يحنو عليّ
ويحرسني عن ضياعِ الخطوةِ وورطةِ المنتصفِ
أعبرُ فقط
بلا إلحاحٍ ولا معنى
مثل نداءٍ
سافرَ في المدى
وما بلغَ المُنادى
عليه.


٢

رأيتُني في الحكايا والسيَر والأحلام
أمشي بلا وجهةٍ
بلا قرارٍ راسخٍ في أعماقِ الروح
بلا احتمالٍ سرابيّ
يختلقُ الغايةَ
رأيتني
وقد كنتُ خفيفًا من قيدِ الأماكنِ
من قبضةِ الأيادي
من تلويحاتِ المودّعين
وكانت خطوتي سُدَى
ووجودي
محضُ فكرة.


٣

في صورةِ الإشاحةِ
وفي اليدِ التي تمتنعُ
عن القطفِ
وفي نعاسِ الرغبةِ وكسلِ الغياب
عرفتُ نفسي
وما صرفتُها لشيء آخر
ولا دعوتها إلى اختبارِ
الجهةِ التي تتوارى
والمعنى الذي يومضُ
والحياةِ
التي على بُعدِ
خطوة.




٤

تواريتُ
في الهامشِ
الذي هو ذكراي وأبدي
وبالغتُ في تصديقِ الرغبةِ الملحّةِ
في الانطفاءِ
وغمرتُني بما لا يُحكى
ولا يُمكن الاستغناء عنه
ومضيتُ
لا غوايةُ الجهاتِ تسحبني
ولا آماليَ المُعلّقةُ
حتّى
هناكَ على الأبوابِ
تنتظرني!



٥

ساكن
كأنّي استنزفتُ ندمي
ولم يبقَ
غير هذا القليلِ
الذي لستُ أدري
أؤجلهُ لماذا،
ساكنٌ
‏حتى لو أن كل شيءٍ فاتني
‏لقلتُ: لم يفُتْ بعدُ
‏ولو انسلَّ ما ملكته من بين يدي
‏لقلتُ: هاجسٌ ملحّ
‏وكذبةٌ بيضاء.




٦

وعلى وجهي
ذابتِ النظرةُ اللهْفَى
وجفَّ ذاك الحنانُ الجارفُ
وازدحمتِ الذاكرةُ
بالأسماءِ التي لا تُنَادى
والأبوابِ
التي لا أطمعُ
مهما طرقتُ
أن تفتحَ،
قلتُ: وداعًا
ولا أدري مَن وما أودِّعُ
ومضيتُ
لستُ أدري
إلى أين.


٧

وأمعنَ في النسيانِ
‏كأنَّ غيابَ الأشياءِ والذكرياتِ
‏والوجوهِ وأصحابها
‏يُهوّنُ عليهِ كل تلكَ الخساراتِ
‏وما جرّتْ وراءها
وكأنّها
بعدَ حينٍ
ستُمحى كأنْ لم تكن يومًا؛
قال: هذا احتمالٌ
يستحقُّ المُجازفةَ،
ومصيرٌ
حريٌّ أن تُستَنزفَ من أجلهِ الخُطَى...
وغاب!


أحمد سالم، شاعر سعودي، صدرت له دواوين شعرية بعنوان "الغرق باستخدام امرأة" "أشياء تتهاوى في أبدها الرتيب" "براعة الالتهاء"، يقيم في المملكة العربية السعودية، وشارك في ندوات حوارية حول قصيدة النثر، وأمسيات عديدة. يمكن متابعة حسابه على تويتر: @ iEzor

© All Rights Reserved. Sard Adabi Publishing House 2024.

 جميع حقوق النسخ محفوظة لدار سرد أدبي للنشر©

bottom of page