top of page

احتاجُ حزن مؤجل

لمى الشمري


"حدّثيني عن الحياة عسى أعطي فؤادي اللجوجَ عنها جوابا"- ميخائيل نعيمة


١. أغاني الحرية

خلف القضبانِ تقبع أغنية الحرية
أغنية لا تذكرها الشوراع ولا الأشجار
مزهوة بنزاعِ شّرس
على وجه الأيام
حزن أزرق مدجج بالثروة.


٢. زرقة منسية

أخطُ وصيتي في عاصفة الأوجاع
خلف الشمسِ ربما تنتظرك البهجة

في برزخِ الأحرف العتيقة
دعني أرسم خارطةً من الغبار
وعلى شفتيها يذوب النّهار

الجُدران تئن بوجعٍ كثيف
في رِحم المعاناة اعتذارٍ
وتباتُ نفسي على نفسي.


٣. يزرع النخلَ في مواقع ألمي

تشدني الحّياة و تزرع فيّ ما زرعت
وتحرثني ليلًا لا ينكثُ سواده

أعلم أن مواقع الوجعِ مؤقتة
وحده الحُزن بطلٌ شامخ

قليلًا من الكآبة تنعش ذاكرة الأسى
مغفرة محفوفة بكل الخطايا التي ارتكبتها

الأحرف عالقة و لأن الأبجدية لا نهائية
جف لساني و غادرتني الكلمات على استحياء.

كبرياء التعاسة اهترأ
كيف صدقتَ جلادً بموتٍ مزعوم؟

و لأن الوقت مضطرب تهرب منه عقارب الساعة بسلاسة
فهل غفرت للأيام وجهها المتقلب؟
ومسحت عن أعينها الدمَ الأشعث؟
هل رحمت ضُعف ذاكرتها و أحلامها المتساقطة كالأسنان؟


٤. الحياة رائعة

الحياة رائعة و لكنها لا تتسع لتنهيدة ولدتها الدهشة
روحانية الروح المتبدلة و المتشعبة
تضع مواليد الوجع يومًا بعد يومٍ
و تستبيح أمومتها لليلٍ غريب لا تعرفهُ

حياة يثيرها الفزع والاحتكار.
أنفس ممنوعة من الانهيار
لم يعد الاصطبارُ حلوًا كالماضي
فيه مرارة المجهول و الممنوع

في عينها الدمار الذي لم تحكِه في شبابها
أفهم أحيانًا أن ليلتي ليست سوى حلم.
ليس للأفق رياح.
أي بشرٍ انحدروا من الذُل؟

بات الحشا يقظان للسرور والطرب.
و للحكايا المعاصرة التي رجمتنا بالعجب
صدعًا يجددُ نفسه بكبرياء.


٥. كُنت حيثما يوجد الغرق

عقلًا أرعبهُ الدفء
أطوف و أحزن لحانًا في جَرح الزمن
انشق في حديثي الوجع الأخرس

كالرؤية العمياء لم أجد في العوالم ملامحي.
خِمارًا مُشتاق النوى
عزمًا مستطاب المرارة

تشوق فؤادي لقيامتي
نزيف جرح لست أعلمه

ألف عامٍ من شتاءٍ لا يضمحل
قاسٍ كصرخات الصخر
عن النور.
قحطُ الصّحوِ كدّسَ أحزانها بخرسٍ.


٦. اغتراب

و ما الحياة سوى اغترابٍ واضطراب
تكادُ تغفو على نفسها من الوجُل
أودعت نفسها لألسنةِ النار مجحفة

وردةٌ ثَملت التيبس
شاعر يُدرِّبُ نفسه على الاعتيادية
اندلع بالأمل حريق الصَّمت
و لم يلتهم سوى هذا التوجُّس.

يُراقب هذا الصّحو المرهون بسذاجة الواقعِ
و تغزوني النّشوة في أفكار لا أُطيقها
سأرتجل و أركلُ الليل الهَزيل
لأرتشف هزيمة قاتمة.

أعشاش بقلبي تشتهي التِرحال
تركت رأسي مداعبًا الأمواج
و الحكايا وحَامٌ مُر.

وودت أن أترك ظلي في النهايات
عاشَ حياة مُلتهبة بالفواجعِ
وزاخرة بمنايا لم تنبت إلا ترابًا.
يلمسُ الحياة من خلق زجاجِ مزدهر بالحذر.
ماتَ
ماتَ و لم يعطه الإيمان سوى شك لا تخور قِواه.


لمى الشمري كاتبة ومترجمة قصائد معنية في الشعر والثقافة، مواليد الرياض، حاصلة على بكالوريوس في الأدب الإنجليزي والترجمة من جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن. يمكن متابعة حسابها على تويتر: @Gaiaorcale

© All Rights Reserved. Sard Adabi Publishing House 2024.

 جميع حقوق النسخ محفوظة لدار سرد أدبي للنشر©

bottom of page