كافكا.. المزاج الثائر
محمد حسني عليوة
العالم يجلس القرفصاء
في انتظارِ المُخلّص "كافكا"
العصافيرُ ملاصقة لأسلاك الكهرباء
القبلاتُ مرابطة لأسلاك الهاتف
أعمدة الإنارة المقتلعة من الضلوعِ
تعانق الريح في شِجار ثائر
النجارُ بنى مقبرةً للشجرةِ الوديعةِ
في فناءِ منزلهِ
ولم يلحظْ أن الغابةَ تُذهله
بألفِ غُصنٍ ثائر
المدينةُ الغافيةُ ككلبٍ تعس
سحقَ رباطها السُرّي
بمطرقة الموتِ فوق سندانٍ ثائر
شبكة "السي إن إن"
أعلنت وفاةَ الشجرةِ
في وضعٍ مأساويٍّ
ذبحها المنشارُ الثائر
فتوقف الطيرانُ عن مناطحة الأفق
توقفتْ الشوارعُ عن لعقِ أحذيةِ المارة
ونهض من الركامِ
بيتُ قصيدةٍ ثائر
تقول طفلةٌ لم تحْبُ بعد
لديَّ، مع أمي، عناقٌ ثائر
وتقول موظفةُ البريد لعاملِ النظافة
انهض من تحتِ الطاولةِ
لدي، بين فخذيَّ، قطّ ثائر
ويقول دبوسُ الفراشة
القابع في زاوية القميصِ
لديَّ رحلةُ طيرانٍ مع قوَامٍ ثائر
مريلةُ البنتِ
في حصةِ الدرسِ، ممزقةٌ
من مسمارِ الدّكةِ الثائر.
عصا العجوز الضرير
مصدومةٌ تحت ظلِّ الوقتِ
من لوثةِ الطريقِ الثائر.
"هكذا "كافكا"
أحدث كل هذا!"
بمزاجِ ثورٍ
ومنقارِ ثائر.
محمد حسني عليوة هو كاتب وشاعر مصري من القاهرة. عضو في جمعية الأدباء بالقاهرة، وعضو الرابطة العربية للآداب والثقافة (العراق). له مؤلفات عدة في الشعر والقصة. له من الدواوين الشعرية: رقصة أخيرة برفقة ملاك، وفاكهة الرغبة تصلي في مدفأة الرب، وفي مثل قهوة دجلة وليمون الفرات. وله كتابان في القصة وهما تداعيات وجه ضد وجه وفانتازيا الحب والحرب.